بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله ولي من اتقاه، من اعتمد عليه كفاه، ومن لاذ به وقاه، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وحبيبه وخليله ومصطفاه، صلى الله وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته واهتدى بهداه، أما بعد لقد جاء رمضان فيا أسير المعاصي، ويا سجين المخازي، هذا شهر يفك فيه العاني ويعتق فيه الجاني، ويتجاوز عن العاصي، فبادر الفرصة، وحاذر الفوتة، ولا تكن ممن أبى، وخرج رمضان ولم ينل فيه الغفران والمنى، فقد صعد رسول الله صلي الله عليه وسلم ذات يوم علي المنبر فقال " آمين آمين آمين" فقيل يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين، فقال " إن جبريل عليه السلام أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين، قلت آمين" رواه ابن خزيمة وابن حبان.
فيا من ضيع عمره في غير الطاعة، ويا من فرط في دهره وأضاعه، ويا من بضاعته التسويف والتفريط وبئست البضاعة هذا موسم تفتح فيه الجنان وتغلق فيه أبواب النيران، فيا شهر رمضان المبارك، يا شهر الصيام والقيام، إن يوم إقبالك لهو يوم تتفتح له قلوبنا وصدورنا، وتمتليء فيه نفوسنا غبطة وأملا، نستبشر بعودة فضائك الطاهر الذي تسبح به أرواحنا بعد جفافها وركودها، نستبشر بساعة صلح مع الطاعات بعد طول إعراضنا وإباقنا، أعاننا الله على برّك ورفدك، فكم تاقت لك الأرواح وهفت لشدو أذانك الآذان وهمت سحائبك النديّة هتّانة بالرحمة والغفران، وإن من المسلمين لا يعرف فضل شهر رمضان وقدره، فهو سيد الشهور وخيرها، فهو " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " من صامه وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه، فيه ليلة هي خير من ألف شهر.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري ومسلم، فإن بلوغ شهر رمضان نعمة عظيمة وفضل كبير من الله تعالى حتى إن العبد ببلوغ رمضان وصيامه وقيامه يسبق الشهداء في سبيل الله الذين لم يدركوا رمضان، فعن طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه أن رجلين من بلى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إسلامهما جميعا فكان أحدهما أشد إجتهادا من الآخر، فغزا المجتهد منهما فإستشهد، ثم مكث الآخر بعده سنة ثم توفي، قال طلحة فرأيت في المنام بينا أنا عند باب الجنة، إذا أنا بهما فخرج خارج من الجنة فأذن للذي توفي الآخر منهما، ثم خرج فأذن للذي إستشهد،
ثم رجع إلي فقال ارجع فإنك لم يأن لك بعد، فأصبح طلحة يحدث به الناس، فعجبوا لذلك فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثوه الحديث فقال من أي ذلك تعجبون؟ فقالوا يا رسول الله هذا كان أشد الرجلين اجتهادا ثم إستشهد ودخل هذا الآخر الجنة قبله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس قد مكث هذا بعده سنة؟ قالوا بلى، قال وأدرك رمضان، فصام وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة، قالوا بلى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض " رواه ابن ماجه، ألا فاعلموا عباد الله أنكم قد علمتم ما سمعتم، ولقد أحسن من انتهى إلى ما سمع أو علم، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله إنه كان غفارا.
إضافة تعليق جديد