قال تعالى ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾
القرآن الكريم هو كتاب الله الذي انزله على سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، فيه كل جمعت وذكرت كل الحقائق العلمية والمعجزات الكونية والتي بعد رحلة طويلة من العلم الحديث قد توصل الى بعضها العلماء في العصر الحديث، ليأتي من يخبرهم من علماء الدين ان كل ماتم التوصل اليه من علمهم قد ذكر في هذا القرآن، ليكون علمهم هو دليل اثبات على حقيقة ان هذا القرآن ليس من صنع بشر، مما يجعل المؤمن اكثر يقيناً وآكثر قرباً وخشوعاً من الخالق عز وجل ويجعل الكافر الجاحد دائماً في رحلة طويلة بين البحث والجدال لإثبات ان هذا الكتاب ليس كتاباً منزلاً وانما كتبه بشراً بظنهم .
وفي مقالنا هذا سوف نعيش مع معجزة من هذه المعجزات التي يقف عندها العلم في تفسيرها كظاهرة علمية لم يخبرنا بحقيقتها علماء الفلك لأنهم لو أخبرونا بها فان ذلك دليل جديد على صدق الآيات لكننا سنتاول هذه المعجزة بالإثبات والدليل العلمي .
حين ذكر ربنا عز وجل ان الجبال تمر مَرّّ السحاب في سورة النمل في قوله تعالى ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ فانه جعل في ذلك آية ومعجزة من معجزاته سبحانه وتعالى
وقد ذهب بعض المفسرين ان هذا هو مشهد من المشاهد التي ترى يوم القيامة، لكن شيخنا الجليل والعالم الشيخ الشعراوي ذكر غير ذلك قائلا ان هذا المشهد من المشاهد التي ترى في الدنيا، فيوم القيامة يوم يقين وليس يوم شك او حسبان لمن يرى كما في الدنيا وحسب تفسيره ختم الآية بصنع الله الذي اتقن كل شيء صنعا، فالإنسان في الآخرة لايحتاج لدليل اثبات حيث صار كل ماتم اخباره به يقينا في هذا اليوم، اما في الدنيا فهناك شك وهناك حسبان يحتاج لدليل وبرهان حتى يختفي هذا الشك وهذا الحسبان بعد اليقين .
وسوف نثبت ان شاء الله كيفية دوران الجبال وكيف لها ان تمر مر السحاب
نعلم ان الكرة الأرضية مليئة بالجبال التي لا تعد، ويختلف ارتفاع تلك الجبال من واحد لآخر فهناك جبال يرتفع طولها فوق سطح الارض لمئات الكيلو مترات، وبعضها يخترق السحاب، ويعتقد الكثير من الناس أن ارتفاع الجبال الظاهر أمامهم على سطح الأرض هو الطول الوحيد لتلك الجبال وليس لها طول داخل الأرض .
ووفقا لمركز بيو للأبحاث، استطاع علماء الجيولوجيا بداية من النصف الثاني للقرن العشرين وحتى اليوم اكتشاف أن أغلب الجبال على سطح الأرض لها جذور ممتدة تحت الأرض حيث يمتد عمقها من ٣ إلى ٨ أضعاف ارتفاعها على السطح، فجبال الهيملايا والتي ترتفع حوالي 8848 مترا لها جذر يمتد لحوالي 30 كم تحت السطح وكذلك كل الجبال لها جذور مختلفة العمق.
وخلال الفترة الحالية وفي السنوات الماضية اكتشف العلماء أن كل جبل هو عبارة عن وتد يُثبت الأرض في رحلة دورانها، وقد حدث هذا الاكتشاف أثناء دراسة القشرة الأرضية، فتبين أن للجبل كثافة تختلف عن الأرض من حوله، وأننا نرى من الجبال الجزء البارز منها، ولكن معظم أجزاء هذه الجبال ممتدة لأعماق بعيدة في باطن الأرض والتي تصل لآلاف الأمتار ولا نراها.
هذا مانراه ونحن على سطح الأرض
لكن كيف تبدو الأرض حين نصعد بعيدا عنها ؟
سنرى ان هذه الأرض بقعة عجيبة في هذا الفراغ الكوني، فهذه المياه الزرقاء الشفافة تعكس ظلام الكون لتصبح هذه المياه مثل الكون المظلم، وهذه القشرة الأرضية حول الجبال والتي تشكل غلافها الصخري الرقيق مقارنة بسمك الجبال سيبدو في الفضاء البعيد مايشبه السحاب المرتفع او بخار الماء، وسوف ترى أن الجبال مايشبه السحاب الركامي الأبيض .
ومعلوم أن السحاب لايتحرك بذاته لكن الرياح تسوقه بقدرة الله عز وجل، وهذه الجبال التي تبدو الجزء الوحيد الذي يمكن رؤيته بوضوح حين نصبح على ارتفاع بعيد جدا عن الأرض، حينها سوف نرى دوران الأرض، وحيث اننا سنرى على هذا الارتفاع ايضا ان الماء هو مجرد انعكاس لظلام الكون فلم نرى من بعيد هذا الماء بل نراه كإمتداد كوني مظلم داخل الأرض، وبالتالي سوف نرى دوران الأرض متمثلا في دوران السحاب الركامي للجبال والذي سيشبه سحاب ركامي مثل سحاب السماء وكأن الجبال وحدها فوق هذه الأرض تسبح وتمر وسط سحاب خفيف من صلب القشرة الأرضية الرقيقة وهي التي تمر مر هذا السحاب مع دوران الأرض ذاتها بهذه الجبال .
وان مايثبت هذا التصور عن دوران الجبال هذه الصور الحديثة التي التقتها اجهزة وكالة ناسا عن الأرض من ارتفاع عميق بالكون برحلتهم للفضاء،( حيث تبدو لنا كما بالصورة المرفقة اسفل مقالنا) ولو كان الابتعاد اكثر لم نرى منها سوى السحاب الأكثر بياضاً وهو يمثل الجبال التي تمر بين سحاب خفيف وهو سطح الارض الصلب والجزء المظلم يمثل فيها الماء لكن هذا كله لن يتضح الا بالابتعاد الشديد عن الأرض، فمر الجبال هناك بعمق الكون يسبه تماما مر السحاب لمن على الأرض .
حقا انها لمعجزة من المعجزات التي تثبت صدق الخالق واتقان صنعه في كل شيء، فهذا الحسبان لمن على الأرض، وهذا اليقين لمن يرتفع عنها ليراها آيات جلية هناك كما اخبرت به الآيات يقينا يمحو كل شك ويثبت كل حق اخبرنا به الخالق، فسبحان ربي العظيم .
هذا والله اعلى واعلم
إضافة تعليق جديد