إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد، ذكرت المصادر الإسلامية التاريخية وكتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن رحلة الإسراء والمعراج، وإن من حكم الإسراء إلى بيت المقدس مقر حكم النصارى واليهود هو إنتقال خلافة الأرض من الأمة المغضوب عليها والأمة الضالة إلى الأمة الراشدة، حيث أن اليهود والنصاري قد أفسدوا الحياة الدينية والدنيوية وحادوا عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم والضالين فكان ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هناك بمثالة حفل كبير جمع الأنبياء والمرسلين.
لنقل القيادة من بني إسرائيل إلى الأمة المحمدية، وأن القيادة الروحية للأمم قد ذهبت إلى غير رجعة من أيدي بني إسرائيل بعد أن كانت لهم زمانا طويلا، وأن الله تعالى نزع الملك من بني إسرائيل على البيت المقدس والمدينة المقدسة، لما زاد طغيانهم وبُعدهم عن شرع الله تعالى الذي إرتضاه لهم، وأن الأيام السود النحسات قد كشرت عن أنيابها أيضا للمسلمين القاطنين حوله، ولا أظن إلا أن الذين حوله هم كل المسلمين بديارهم، وكل أوطانهم، بسبب بعدهم عن الله أيضا، حيث قال الله تعالى " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشرة يوم القيامة أعمي " وليس هناك في الضنك من معنى أسوأ منه في جانب العزّة الضائعة، والأوطان المستباحة، والكرامة المهدرة، فهي إذن سنة من الله تعالي ماضية بأن من أعرض عن الهدى أورث الضلال والضنك.
ومن بعض جرائم هؤلاء التي لا تأهلهم لقيادة البشيرة هو طعنهم في الأنبياء ونسبة القبائح إليهم، فمن ذلك أن نبي الله هارون صنع عجلا وعبده مع بني إسرائيل، وأن إبراهيم عليه السلام قدم امرأته سارة إلى فرعون حتى ينال الخير بسببها، وأن لوطا عليه السلام شرب خمرا حتى سكر ثم قام على ابنتيه فزنى بهما، وأن داود عليه السلام زنى بزوجة رجل من قواد جيشه ثم دبر حيلة لقتل الرجل ولما قتل أخذ داود الزوجة وضمها إلى نسائه فولدت له سليمان، وأن سليمان ارتد في آخر عمره وعبد الأصنام وبنى لها المعابد، بل كان قتل الأنبياء عادة شيطانية متأصلة فيهم، فقتلوا من الأنبياء حزقيال وأشعيا وأرميا ويحيى وزكريا وحاولوا قتل عيسى عيه السلام فنجاه الله تعالى منهم ورفعه إلى السماء، ومخاليق تقتل الأنبياء وتذبحهم وتنشرهم بالمناشير.
لا ينتظر منها إلا إستباحة دماء البشر وإستباحة كل وسيلة قذرة تنفس عن أحقادهم وفسقهم، وقد أعلن القرآن الكريم عن أهمية المسجد الأقصى وبركته، قبل بناء المسجد النبوي، وقبل الهجرة بسنوات والإسلام حين جعل المسجد الأقصى ثالث المسجدين العظيمين في الإسلام، وبالتالي أضاف القدس إلى المدينتين الإسلاميتين المعظمتين مكة والمدينة ليقرر مبدأً هاما من مبادئه، وهو أنه جاء ليبني لا ليهدم وليتمم لا ليحطم، فالقدس كانت أرض النبوات، والمسلمون أولى الناس بأنبياء الله تعالي ورسله كما قال الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم ليهود المدينة " نحن أولى بموسى منكم "
إضافة تعليق جديد