رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 20 سبتمبر 2025 10:41 ص توقيت القاهرة

هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الكريم الوهاب وهبنا نعمة الإيمان، والأمن في الأوطان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، الرحيم الرحمن، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان المرسل بالقرآن إلى الثقلين الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن الواقع التاريخي والبيئي يؤكد مدى القدرة التعليمة الهائلة التي تحلى بها النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم فقد نشأ في بيئة أبعد ما تكون عن المدنية والحضارة، وقد لخصها القرآن بوصف الأمية فقال تعالى الله ممتنا ومتفضلا " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " ولكن تعالوا ننظر في حال هذه البيئة التي لم يتغير فيها شيء إلا بعثت محمد صلى الله عليه وسلم فحدث هذا الإنقلاب الحضاري الهائل. 

لتنتشر المدنية الإسلامية في كل مكان، وتدعم مسيرة الإنسان أيا كان، ونماذج التاريخ الإسلامي حاضرة بقوة من عمالقة الصحابة ومن بعدهم، من ثمارهم تعرفونهم، فكيف كان الصحابة قبل محمد صلى الله عليه وسلم وكيف أصبحوا بعد أن تلقوا الخير والحق على يديه صلى الله عليه وسلم، ويقول القرافي رحمه الله " لو لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم معجزة إلا أصحابه، لكفوه لإثبات نبوته " وإن النماذج الفذة من الصحابة ومن بعدهم التي أبهرت العالم، وخدمت البشرية، وقدمت للحضارة الخير الكثير، يجمعها قاسم مشترك، وهو كونها قد تخرجت بصورة مباشرة أو غير مباشرة من مدرسة الحبيب المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم، فماذا إعتمدت هذه المدرسة من أنظمة وطرق وإجراءات لتحقق لاحقا هذا النجاح المدوي والثابت؟ أولا هو مكافحته صلى الله عليه وسلم للأمية. 

والحض على التعلم، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وما إجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه " رواه مسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ألا إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم " رواه الترمذي، وعن عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه قال " خطب رسول صلى الله عليه وسلم ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه، ثم على طوائف من المسلمين خيرا، ثم قال " ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم؟ ولا يعلمونهم؟ ولا يعظونهم؟ ولا يأمرونهم؟ ولا ينهونهم؟ وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم؟ ولا يتفقهون؟ 

ولا يتعظون، والله ليعلمن قوم جيرانهم، ويفقهونهم ويعظونهم، ويأمرونهم، وينهونهم، وليتعلمن قوم من جيرانهم، ويتفقهون، ويتفطنون" ثم نزل فقال قوم من ترونه عني بهؤلاء قالوا نراه عنى الأشعريين، هم قوم فقهاء، ولهم جيران جفاة من أهل المياه والأعراب، فبلغ ذلك الأشعريين فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله ذكرت قوما بخير، وذكرتنا بشر فما بالنا؟ فقال " ليعلمن قوم جيرانهم وليفقهنهم وليفطننهم وليأمرنهم، ولينهونهم وليتعلمن قوم من جيرانهم، ويتفطنون، ويتفقهون، أو لأعاجلنهم في الدنيا " فقالوا يا رسول الله أنفطن غيرنا؟ فأعاد قوله عليهم، فأعادوا قولهم أنفطن غيرنا؟ فقال ذلك أيضا، فقالوا أمهلنا سنة، فأمهلهم سنة، ليفقهونهم ويعلمونهم ويفطنونهم، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية.

" لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داوود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون " وقال الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله "إن هذا الموقف العظيم في إعتبار التقصير في التعليم والتعلم جريمة إجتماعية، يستحث مرتكبها العقوبة الدنيوية، موقف لم يروي التاريخ له مثيلا في تقديس العلم، قبل النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعده "

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
5 + 8 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.