بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه، ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلّ اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد، إن الله سبحانه وتعالي رب العالمين الذي يجب عليك أن تصلح علاقتك به هو من لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم الظاهر والباطن، ويعلم ما تعلم وما لا تعلم، وما تخفي وما تعلن، ويعلم دقائق الأمور، ويعلم سريرتك وعلانيتك، يعلم نياتك وخواطرك، فرب هذا علمه، وإله هذه إحاطته، ألا يستحق أن نهتم بعلاقتنا معه، وأن نحسن الصلة به؟ فيا أيها العبد المسلم، لا تقدم على علاقتك مع الله أحدا من البشر، فاجعلها هي حبلك المتين، وركنك الشديد، وعروتك الوثقى، وميثاقك الذي لا ينقض، لا تكن صلتك به في المواسم ثم تنتهي.
ولا تجعلها عند الشدائد، ثم تنساه في حال الرخاء، فالله تعالي دائم وباقي، لا يفنى ولا يزول، فاجعل ذكره حيّا دائما في قلبك ببقاء أنفاسك، فيا عباد الله، إن الذي يجب أن يكون عليه الفرد في العلاقة مع الله جل جلاله هو لسان حال الشاعر حين يقول فليتك تحلو والحياة مريرة، وليتك ترضى والأنام غضاب، وليت الذي بيني وبينك عامر، وبيني وبين العالمين خراب، إذا نلت منك الود فالكل هين، وكل الذي فوق التراب تراب، فإن العلاقة مع الله مؤنسة وجابرة وأبدية ومختلفة، وعندما يحبك الله تعالي سينعكس حبه على وجهك وأخلاقياتك، وسيسخر لك الأرض ومن عليها، حتى تكره التعلق بأحد سواه، فتحب ما يحب، وتبغض ما يبغض، ستجده دائما معك، ستشعر معه بالحماية والوقاية والأمان التام، ومهما تعددت علاقاتك مع من حولك، فإن علاقتك بالله تعالى تبقى أساس كل العلاقات.
كل علاقة مهما بلغت من المودة، فلا بد لها من إنقطاع أو فراق بالموت، إلا علاقة المؤمن بربه وخالقه، فلا تنتهي أبدا، وكما أن العلاقة بالله هي العلاقة الوحيدة الناجحة والمستمرة، علاقة لا يشوبها شك ولا غدر، ولا مصلحة، علاقة مطمئنة مريحة، واضحة الملامح والأهداف، ومهما تهت في مسارح الحياة، فلا تنسي علاقتك مع الله، فعليك أن تتحسسها كأعظم شيء تخاف فقدانه وحافظ عليها كما تحافظ على روحك لأنك بها كل شيء، وبدونها لا شيء، فمن صلحت علاقته بالله، صلحت علاقته بمن حوله، وصلحت كل أحواله، من صلحت علاقته بالله تيسرت أموره، وإنفرجت همومه، وأُجيبت دعوته وفي الحديث يقول صلي الله عليه وسلم " تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة"
فيا أيها المسلمون ما مدى حسن علاقتنا بربنا؟ وكيف نستطيع نوطد علاقتنا مع الله تعالي وصلتنا به؟ وإن حسن العلاقة مع الله دليل المحبة والخشية له سبحانه وتعالى، وعلامة ذلك هو وجل القلب إذا ذكر الله، وزيادة الإيمان بعد سماع القرآن، والذكر الدائم حين القيام، وحين القعود، وعلى الجنب، والتفكر الإيماني في خلق السماوات والأرض، ثم الدعاء الصادق الخالص " ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار " وإن توثيق العلاقة مع الله تعالي تكون من خلال العبادة والطاعة، والعمل الصالح، والصلاة صلة بالله الرب القادر، الخالق الرازق، الحي القيوم، ذي الجلال والإكرام، ومنها نستمد القوة لمواجهة صعوبات الحياة، ونحظى بالطمأنينة والسكينة، والشعور بالأمان والسلام.
إضافة تعليق جديد