بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 25 أكتوبر 2024
الحمد لله العلي الأعلى، أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ووفق العباد للهدى، فمنهم من ضلّ ومنهم من اهتدى، نحمده على نعمه وآلائه، ونشكره على فضله وإحسانه، فالخير منه والشر ليس إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ما أحد أصبر علي أذي سمعه منه، يدّعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم، آمنا به، وعليه توكلنا، وإليه أنبنا وإليه المصير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أوذي فصبر، وظفر فشكر، أقام الحجة، وأوضح المحجة، وأرسى دعائم الملة، فمن تبع سنته رشد، ومن حاد عنها زاغ وهلك، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يشنؤهم إلا منافق، أئمة هدى وفضل، ودعاة خير ورشد، ترضى عنهم ربهم سبحانه في قرآن يتلى إلى آخر الزمان، على رغم أنوف أهل البدعة والنفاق.
وارض اللهم على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد، إن من معاني الأمانة هو وضع كل شيء في مكانه اللائق به، فقال أبو ذر رضي الله عنه يا رسول الله ألا تستعملني؟ يعني ألا تجعلني واليا أو أميرا أو رئيسا لك على إحدى المدن، قال فضرب بيده على منكبي ثم قال صلى الله عليه وسلم "يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها " رواه مسلم، وتبليغ هذا الدين أمانة أيضا فالرسل أمناء الله على وحيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أَلا تأمنوني وأَنا أَمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساءا "متفق عليه، وكذلك كل من جاء بعدهم من العلماء والدعاة، فهم أمناء في تبليغ هذا الدين، والعرض أمانة فيجب عليك أن تحفظ عرضك ولا تضيعه فتحفظ نفسك من الفاحشة.
وكذلك كل من تحت يدك، وتحفظهم عن الوقوع فيها، فقال أبي كعب رضي الله عنه "من الأمانة أن المرأة اؤتمنت على حفظ فرجها" والولد أمانة فحفظه أمانة ورعايته أمانة وتربيته أمانة، والسر أمانة وإفشاؤه خيانة ولو حصل بينك وبين صاحبك خصام فهذا لا يدفعك لإفشاء سره، فإنه من لؤم الطباع، ودناءة النفوس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانه " وأشد من ذلك إفشاء السر بين الزوجين، والكلمة الجادة الطيبة أمانة يلتزم بها المسلم، فيعرف قدر الكلمة وأهميتها فالكلمة قد تدخل صاحبها الجنة وتجعله من أهل التقوى، وقد ينطق الإنسان بكلمة الكفر فيصير من أهل النار، والبيع والشراء أمانة، فالمسلم لا يغش أحدا، ولا يغدر به ولا يخونه، والعقل لدى الإنسان أمانة إن عمل بمقتضاه.
ونظم بالعلم والمعرفة وعمل فيه بطاعة الله كان مؤديا للأمانة خير أداء، وإن تعديت عليه بالمخدرات والمسكرات وغيبته عن الذكر والتفكر والعبادة فقد خنت الأمانة، والأمة في أيدي المسئولين والحاكمين أمانة، فإن قاموا بما يجب عليهم نحوها من نصح ورعاية وصيانة لكرامتها وحريتها أو أقاموها على شريعة الله كانوا أمناء أوفياء، والمال في أيدي الناس أمانة، فإن أحسنوا التصرف به والقيام عليه وأداء الحقوق الاجتماعية فيه كانوا أمناء أوفياء، لهم الذكر الجميل في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، وإلا كانوا خونة ظالمين وسفهاء مبذرين، هذا وصلوا وسلموا رعاكم الله على إمام الهداة محمد بن عبد الله، كما أمركم الله بذلك وقال صلى الله عليه وسلم " من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا"
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين، أبى بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
إضافة تعليق جديد