رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 26 يونيو 2025 1:54 ص توقيت القاهرة

يوم تبلى السرائر

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن يوم القيامة وعن أهوال هذا الموقف العظيم، وهذه الأمة الإسلامية هي أول من تحاسب، حيث يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم " نحن الآخرون من أهل الدنيا، الأولون يوم القيأمة، المقضى لهم قبل الخلائق " رواه مسلم، وأول من يعذب ثلاث رجل قاتل حتى قتل ورجل تعلم العلم وقرأ القرآن ورجل آتاه الله مالا فتسعر بهم النار جميعا بسبب الرياء فهي لم تكن خالصة، وفي هذه البداية شدة و هول لمن يرى مصير هؤلاء الذين كانوا يحسن الظن بهم.

وأن أعمال العباد ستتعرض لتمحيص دقيق لا يكاد يسلم منه أحد، حيث يقول تعالي " فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا " وقال الإمام القرطبي فدل على أن المحاسبة تكون عند إتيان الكتب، لأن الناس إذا بعثوا لا يكونوا ذاكرين لأعمالهم " لا تخفى منكم خافية " لأن المقام يقتضي إفشاء الحال وإقامة الحجة والمبالغة في العدل وكمال العلم " يوم تبلى السرائر " وخص أصحاب اليمين بقراءة كتبهم حيث يقول تعالي " يقرءون كتابهم " لفرحهم بها بخلاف الآخر الذي يأخذه الحياء وحبسة اللسان والتتعتع، والعجز فكأن قراءتهم كلا قراءة، أما أصحاب اليمين فأمرهم على عكس ذلك، فيقرؤن كتابهم أحسن قراءة وأبينها، ولا يقنعون بقراءتهم وحدهم حتى يقولوا لأهل المحشر، حيث يقول تعالي " هاؤم أقرأوا كتابيه " وكما يقول تعالي.

" فسوف يحاسب حسابا يسيرا " أي سهلا هينا، وهذا هو العرض أن يقال له فعلت كذا وفعلت كذا، ثم يقال له سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، وقال هلال بن سعد إن الله تعالي يغفر الذنوب ولكن لا يمحوها من الصحيفة حتى يوقفه عليها يوم القيامة وإن تاب منها" وذلك ليعلم فضل الله عليه، وقول رسول الله صلي الله عليه وسلم " من نوقش الحساب عذب" والمراد بالمناقشة هو الإستقصاء في المحاسبة والمطالبة بالجليل والحقير وترك المسامحة، والذي يظهر أن الصحف تنشر دفعة واحدة للطائع والعاصي والكافر، فيسر المؤمن سرورا كاملا وإن كان عاصيا فرح أن مآله للجنة ونشر الكتب من أشد المواقف، وقد يبهم الأمر عليه حينئذ، فيفرح لظنه النجاة فإن مرّ على الصراط زلت قدمه لمكان معاصيه فينفذ فيه الوعيد، ثم يخرج بالشفاعة. 

ويؤتى الكافر كتابه بشماله من وراء ظهره، تثنى يده إلى ورائه ويعطى كتابه بها كذلك حيث يقول تعالي " فيدعوا ثبورا ويصلى سعيرا" واعلموا يرحمكم الله أن الحساب أربعة أقسام وهم من لا حساب عليهم، ومن يحاسب يسيرا، ومن يناقش ويعذب ثم ينجو بالشفاعة من عصاة المؤمنين، ومن يناقش ويخلد في العذاب وهم الكفرة، وأول ما يحاسب العبد عليه يوم القيامة هو الصلاة وأول ما يقضى بين الناس في الدماء، لأن ذاك في حق الحق، وذاك في حق الخلق، ولم يوجب الله تعالي شيئا من الفرائض غالبا إلا وجعل له من جنسه نافلة حتى إذا قام العبد بذلك الواجب وفيه خلل، وكان له ما يجبره من النافلة فاحرص عليها، ويعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما الثالثة فآخذ كتابه بيمينه وآخذ بشماله " رواه الترمذي.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
1 + 6 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.