رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 17 مايو 2024 9:57 ص توقيت القاهرة

بالصور....."عشش السكة الحديد" ..  أموات والاسم أحياء

"عشش السكة الحديد"  .. قبور الاحياء

تحقيق : مروة العدوى

مع  فصل الشتاء تزداد الآلام وتتجدد الاوجاع على برد قارص ينهش فى الجسد وومع فصل الصيف امراض عديدة لا ترحم تحل بأجساد زادها الزمن وهنًا على وهن فقرها واحتياجها وانعدام المأوى الذى تحتمى به من غدر الدنيا، تلك الآلام ربما لا يشعر بها من ينعم بالدفء فى منزل محاط بشتى مظاهر الأمان والرخاء فلننظر قليلا لهؤلاء، أو بعض هؤلاء فى ظاهرة ألفتها الأبصار

 أتجهت الى أكثر مكان يعانى سكانه من الإهمال الشديد "عشش السكة الحديد" بشارع السودان, لنجد الحال سيئًا لدرجة لن يتصورها أحد..حمامات مشتركة وحنفية مياه واحدة فى بداية الشارع واخرى فى المنتصف لأهالى المنطقة, يضطر الجميع لتوصيل خرطوم لغرفهم لاستخدام المياه من وقتٍ لآخر أو الذهاب إليها لملء جراكن لاستعمالها فيما يحتاجونه من الماء, وعن الصرف فحدث ولا حرج؛ يقوموا بإزالته بأنفسهم وإلقائه على قضبان السكة الحديد المجاورة لهم, ومنهم من يستخدم الطرنشات, وذلك أدى الى انتشار الامراض بينهم من سوء المعيشة وغياب النظافة.

رحلة استمرت بضع ساعات بين عشش بُنيت من الخشب والخوص تتوسط مبانى شاهقة يسكنها "بهوات" كما قال البعض, فبمجرد دخولنا منطقة "عشش السكة الحديد" تجد الكلاب تتجمع حولك كأنهم يستشعرون أنك لست من المنطقة, وعند محاولتنا لطردها لم نستطع حتى جاء إلينا أحد ساكنى المنطقة وقام بتهدئة الكلاب بعد أن علم بأننا جئنا إليهم لمعرفة ما الحال الذى وصلوا إليه بعد قرارات إزالتهم.

بدأ عصام شيبة يشعر بطمأنينة من حديثنا وأننا لم نأت من المحافظة كى نطردهم كما حدث معه من قبل, هو شاب عمره لا يتعدى الـ30 عاماً, يعمل بائع روبابيكيا, يعيش فى تلك المنطقة طيلة حياته, ولم يعرف مكاناً آخر غيره, ولكن بعد أن جاء قرار إزالة عششهم لبناء عمارات سكنية, اضطر ان يبحث عن شقة يسكن بها مع زوجته واولاده الثلاثة, ولكن "ما باليد حيلة .. العين بصيرة والإيد قصيرة", فهو يعمل باليومية, ولم يفكر يوماً أنه سيترك مسكنه الذى عاش به ويبحث عن بديل, مسكنه يتكون من غرفة واحدة لا تتعدى مساحتها 70 متراً بلا خدمات, قائلا " احنا مش عايشين زى باقى الناس بس حتى العيشة دى مش عارفين نتهنا بيها ومستكترينها علينا".

وتلتقط الحديث سماح التى كانت تجلس أمام عشتها مع بناتها, فزوجها كان يسعى لكسب رزقه, قابلتنا بابتسامة عريضة ولكن يظهر على وجهها الحزن الشديد المختفى وراء ابتسامتها, "احنا كنا عايشين فى العشة اللى بيبنوا مكانها, طردونا من العشة وكنا بنحسب ان الدور علينا فى استلامنا الشقة, لكن للأسف قالوا إن الشقق دى لناس قبلى مش لينا, علشان هما بيروحوا لواحدة فى الحى وبيخدموها زى ما هى عاوزة, علشان كده هياخدوا الشقق قبلنا", وتسقط دموعها رغماً عنها, وتستكمل حديثها بأنهم قاموا ببناء عشة أخرى لحين الانتهاء من بناء العمارة التى بُنيت مكان عششهم التى كانوا يسكنونها, ولكنهم يعلموا جيداً أن الامل ضعيف فى بقائهم بتلك العشش فترة طويلة بعد ان جاء لهم قرار بإزالتها لاستكمال بناء باقى المراحل. وتدخل فى الحديث سعدية حسين التى تعيش منذ 37 عاماً وتوفى زوجها منذ 14 عاماً, ولديها 4 بنات وولدين, يسكنون جميعهم فى عشة لا تتعدى مساحتها الـ70 مترًا, قائلة "فى الصيف العيال بيناموا أمام العشة, لكن فى الشتاء صعب حد منهم ينام برا, فبنعمل نبطشيات علشان نعرف نعيش, واهى ماشية", كانت تسكن هى الاخرى مع اولادها فى العشة التى قاموا بإزالتها لبناء العمارة, وعندما بدأوا فى بناء العمارات أكدوا انها ستنتهى خلال الـ 6 أشهر, فهل يعقل ان يظلوا فى الشارع 6 أشهر لحين الانتهاء من البناء, مما اضطرت لبناء عشة جديدة للعيش فيها, وأن كثيرين اضطروا لبناء عشش جديدة بعد ان تم طردهم من عششهم القديمة لبناء عمارات سكنية مكانها, ولأنهم يعلموا جيداً أنهم لم يأخذوا شققًا فى هذه المبانى فى الوقت الحالى, قاموا ببناء عشش جديدة يحتموا بها, بالاضافة الى ان المنطقة بها ما يزيد على 60 أسرة على الاقل لم يستلموا أى شقق بالرغم من انه تم هدم عششهم للبناء على ارضها, وعندما قاموا بالشكوى قالوا لهم " روحوا بلدكم جايين هنا تعملوا ايه".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.