رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 22 يوليو 2025 3:30 ص توقيت القاهرة

ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، لقد بعث النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن، ومعاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه، هو أنصاري من هذه الديار، فهو شاب دخل في الإسلام مع أسرته وفتح الله عليه، فقد تعلم من مجلس كهذا فقط، فقد كان يجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستقي من ينابيع الحكمة والمعرفة، وحين بعثه رسول صلى الله عليه وسلم واليا عاما إلى اليمن، ووالله ما دخل اليمن مثله قط إلى يوم القيامة، فمعاذ بن جبل رضي الله عنه إختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم ورشحه، ولم يرشحه بالإنتخاب الباطل. 

فالمؤمنون كمل في عقولهم وآرائهم وفهومهم، وهم أهل النور، فهو يغشاهم من فوقهم ومن تحتهم، ولا يحتاجون إلى الأباطيل، وهنا سأله رسول الله صلي الله عليه وسلم قائلا بم تحكم يا معاذ ؟ فمعاذ تحت النظارة، يمتحن من قبل القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم، فهو يساله يا معاذ بم تحكم الناس؟ هل بقوانين فارس، أم بما بقي من بقايا فارس التي كان يحكمون بها اليمن؟ قال رضي الله عنه بكتاب الله تعالى، فما ترك الله شيئا إلا بينه في كتابه، فقد قال تعالي " ما فرطنا في الكتاب من شيء " وكما قال تعالي " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء " وإنما نتفاوت نحن في معرفة ذلك بحسب عقولنا وفهومنا، فقد أدرك أنا غير ما تدرك أنت، ولكن الأصل والمرجع هو الكتاب الذي يجهله المسلمون، وبالله الذي لا إله إلا غيره إن ما وضعه من خطط في الحرب والسلم. 

لو إجتمعت أوروبا مليون مرة لما إستطاعت أن تخرج قاعدة في السلم والحرب مثلها، ولكننا نحن نقرأه على الموتى فقط، ولا نفهم من كلام الله شيئا، وإنما نقول للقارئ أقرأ حتى يدخلوا الجنة، ونعطيهم الفلوس على ذلك أيضا، وفي إحدى البلاد هناك نقابة خاصة للقراءة على الموتى، فيتصلون بها بالتلفون، ويقولون مثلا نريد خمسة من القراء، فيقولون لهم من فئة خمسين جنية أو من فئة خمسين ألف، فإذا كان فقيرا قال من فئة خمسين جنيه، وإذا كان غنيا قال من فئة خمسين ألف، ويظن من يفعل ذلك أنه يفعل ذلك حتى يدخله الجنة، وقد يكون مات زانيا أو فاسقا أو آكلا للربا، وقد يكون يسب حتى أمه وأباه، ولا يفكر من يأتي بالقراء أبدا في هداية إخوانه الأحياء وإصلاحهم، وإنما يعيش على هذا الظلام، ووا مصيبتاه فالقرآن يحيي النفوس الميتة، ونحن نقرأه على الموتى. 

وفي بعض البلاد تجد القراء ينادونك عند المقبرة تعالي إذا أردت أن نقرأ فاجلس، ويقرءون بجنيهات بسيطة أو غير ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم تجد؟ أي في كتاب الله تعالى، أي إذا بحثت عن الحكم ولم تجده؟ قال معاذ رضي الله عنه، بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحكم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جلس عشر سنين وهو يسن القوانين ويشرع، فإذا التمست الحكم في الكتاب ولم أجده وأعرفه فأرجع إلى أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضاياه وسنته وأطبقها، فقال صلى الله عليه وسلم له فإن لم تجد، أي في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ حيث أن الجميع لم يكن قد أحاط بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفها كلها، قال رضي الله عنه أجتهد برأيي، بمعنى أبذل طاقتي وقدرتي على معرفة الحق وبيانه حتى أضع الحق في موضعه. 

ولا أظلم مواطنا ولا مواطنة، فإذا لم أجد الحكم في الكتاب ولا في السنة وأنا مسئول فأجتهد في تحري الحق والصواب، والنظر إلى الشواهد والأحوال حتى يوفقني الله تعالي إن شاء الله لما هو خير، وليس فيه ظلم لأحد، وهنا أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الجائزة، وهي ليست جائزة نوبل، وإنما فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره، لينشرح وليتسع، وليصبح كالبدر، أي في صدر معاذ رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله" ومن هذا الحديث الجليل الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه رحمهم الله أجمعين إستخرج علماء الشريعة رحمهم الله تعالى من سلف هذه الأمة القاعدة الآتية ط لا يحل لمؤمن القدوم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه " وبلغوا هذا. 

ولو بلغتموه في قريتكم لسكت الناس، وإن جهلوا لقالوا إلى متى نسكت؟ فهيا نطلب العلم، فيا أهل القرية حرام على أحدنا أن يقول بدون علم، وإن لزمنا السكوت ولم نستطع أن نقول حرام ولا حلال، ولا جائز ولا ممنوع، وأردنا الكلام فهيا نتعلم وسنجد أنفسنا نطلب العلم برضا منا وإرتياح، فافهموا هذا، وهو أنه لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يقدم على فعل شيء حتى يعلم حكم الله تعالي فيه بالجواز أو بالمنع.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
14 + 5 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.